يحتفل الإتحاد الدولي للمترجمين International Federation of Translators - FIT باليوم العالمي للترجمة في 30 سبتمبر/أيلول من كل عام هو عيد القديس جيروم، مترجم الكتاب المقدس والراعي المقدس للمترجمين.
وتم اختيار هذا اليوم بمناسبة عيد القديس جيروم، مترجم الكتاب المقدس الذي يعتبر قديس المترجمين. وأحد أهم أعلام ترجمة الكتاب المقدس من اليونانية والعبرية إلى اللاتينية. وأطلق الاتحاد الدولي للمترجمين فكرة الاحتفال عام 1991، في اليوم الذي يصادف وفاة القديس جيروم.
كان القديس جيروم كاهنا من شمال شرق إيطاليا، وعُرف بعمله في ترجمة معظم الأنجيل إلى اليونانية من مخطوطات إغريفية للعهد الجديد. كما أنه نقل أجزاء من العهد القديم من العبرية إلى الإغريفية.
تعود أصول القديس جيروم إلى إيليريا — وهي إقليم جغرافي قديم يقع إلى شمال شرق إيطاليا في القسم الغربي من شبه جزيرة البلقان — وكانت لسانه الأصلية هي الإيليرية. تعلم اللاتينية في المدرسة وأجاد الإغريقية والعبرية التي تعلمها من دراساته وأسفاره. توفي في مدينة بيت لحم ف 30 أيلول/سبتمبر 420.
وينحدر قديس المترجمين جيروم من يوغسلافيا، واعتزل بطلب من البابا داماز في القرون الوسطى في أقبية ومغاور تحت كنسية المهد في فلسطين، حتى أتم ترجمة كاملة للكتاب المقدس، وما زالت ترجمته معتمدة عالميًا.
وأساء جيروم لشخصيات مسيحية بارزة مثل يوحنا، الذي وصفه بخائن المسيح والشيطان والغراب مشوه.
وتذكر بعض المراجع التاريخية أن جيروم لم يكن سعيدًا بشيخوخته بسبب اجتياح البرابرة لسوريا وفلسطين وتدميرهم للعديد من الأديرة، علمًا أن جزءًا من هجمة البرابرة كان بدعم الحملات الصليبية المهزومة.
وكانت الفكرة في البداية هي الاحتفال بيوم سانت جيروم الذي ترجم الانجيل إلى اللاتينية. ومنذ تأسيس الاتحاد الدولي للمترجمين عام 1953 بدأ يشجع الاحتفال بيوم سانت جيروم بصورة مصغرة ولكن في عام 1991 طرحت لجنة العلاقات العامة بالاتحاد فكرة اليوم العالمي للترجمة لتحتفل به كل الاتحادات والمؤسسات المنضوية تحت لواء الاتحاد الدولي للمترجمين وطلبت منهم الترويج لمهنة الترجمة في دولهم خلال هذا الاحتفال واظهار الفخر والاعتزاز بهذه المهنة. وهي فرصة لعرض مزايا هذه المهنة التي تزداد أهمية في عصر العولمة. وذكر مركز أنباء الأمم المتحدة، أن نقل العمل الأدبي أو العلمي من لغة إلى أخرى، ضروري للحفاظ على الوضوح والبيئة الإيجابية والإنتاجية في الخطاب العام الدولي والاتصال بين الأشخاص. واعتبر مركز أنباء الأمم المتحدة أنّ الاحتفال فرصة للإشادة بعمل المهنيين اللغويين، الذين يضطلعون بدور هام في تيسير الحوار بين الأمم، والإسهام في التنمية وتعزيز السلم والأمن العالميين.
منذ عام 2005، دعت الأمم المتحدة موظفيها وموظفي البعثات الدائمة المعتمدة والطلاب من جامعات شريكة مختارة للتنافس في مسابقة سان جيروم للترجمة في الأمم المتحدة، وهي مسابقة تكافئ أفضل الترجمات باللغة العربية والصينية والإنكليزية والفرنسية. الروسية والأسبانية والألمانية، ويهدف إلى الاحتفال بتعدد اللغات وإلقاء الضوء على أهمية دور المترجمين وغيرهم من المهنيين اللغويين في الدبلوماسية متعددة الأطراف.
أهمية الترجمة:
لعبت الترجمة عبر التاريخ دوراً كبيراً في نقل الثقافات والمعارف بين الشعوب، فقد كان اليونانيون يرسلون طلبت العلم لديهم إلى مصر من أجل نقل علوم الفلك والحساب والزراعة إلى اللغة الأغريقية، وهو نفس الأمر كان يفعله المصريين، حيث أنهم كانوا يترجمون الأدب الأغريقي إلى العربية حتى يستفيدوا منها، وكان هذا شيء يحدث بين جميع الحضارات والشعوب في الماضي، ونفس الأمر بالنسبة للعصور الوسطى، أما بالنسبة للعصر الحديث، فيحدث الأمره نفسه، ولكن مع تطور ملحوظ للترجمة، فقد ظهرت التكنولوجيا التي سهلت الأمر بشكل كبير.
لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الهام الذي تقوم به الترجمة في الوقت الحالي، فقد أصبحت فن عالمي لا يوجد أحد يستطيع أن يستغني عنه، فقد صارت من الضرورات الحاسمة من أجل التطور والانفتاح على المجتمعات الأخرى وما يعيشه من تطور علمي وأدبي وثقافي واجتماعي وعلمي، فقد أصبحت العنصر الحاسم الذي يخلق مجتمع المعرفة، وذلك من خلال امتلاكها الكثير من اللغات الأخرى.
وللترجمة أهمية عالمية كبيرة في عصرنا الحالي، ونجدها مستخدمة في جميع المجالات، فهي حاضرة بقوة في العديد من المظاهر الحياتية بشكل يومي، بداية من الجرائد اليومية، ونشرات الأدوية، ومروراً بالأفلام الأجنبية والسينما والمسرح والتلفزيون والبرامج، ووصولاً إلى الكتب والنصوص القانونية والرسائل الإلكترونية التي يتم تبادلها بين الشركات من مختلف الدول.
للترجمة دورها المهم في تطوير تطوير المحتوى اللغوي، فتدفع اللغة (المتلقية) إلى استحداث ألفاظ ومصطلحات لم تكن موجودة في محتواها اللغوي السابق، وبقدر اتساع هذا المحتوى اللغوي، أمكن للغة المتلقية أن تستوعب معاني ودلالات الألفاظ المستحدثة أو الوافدة إليها، كما أن الترجمة تساعد اللغة (المرسلة) على نشر مصطلحاتها وألفاظها، وتبيان مدى تقدمها العلمي ورقيها الثقافي، وتأثير الترجمة لا يقتصر على الثقافة والمكون اللغوي فحسب، بل يمتد ليشمل المجتمع بسائر أنشطته، فغالبية الحركات الاجتماعية والسياسية التي شهدها عالمنا المعاصر، يظهر فيها أثر ترجمة المحتوى الفكري والاحتكاك بين الثقافات وتفاعلها مع بعضها.
إن الترجمة تضمن الخلود للنص بكل ما يحويه من فكر ومعان، وهناك كثير من النصوص التي اختفى أصلها ولم يبق إلا ترجماتها إلى لغات غير لغتها الأصلية، بل إن هناك مؤلفات كتبت بلغات لم تعد موجودة في عصرنا الحالي وبادت واندثرت ووحدها ترجمات هذه المؤلفات هي التي لا زالت باقية كما هو الحال في معظم المؤلفات التي كتبت باللغة اللاتينية أو اللغات القديمة الميتة.
كذلك لا يعوزنا القول إن الترجمة كانت هي الناقل للأديان السماوية والشرائع الإلهية وعبرها اهتدت الأمم التي وصلها دين الله عبر ترجمات الشرائع والسنن، وكانت الترجمة أهم آليات الدعوة والتواصل مع الشعوب التي لم يخرج من بين أهلها أنبياء أو رسل، وحين بزغ فجر الإسلام كرسالة عالمية غير مقصورة على أهل العربية، ازدادت أهمية الترجمة كوعاء ناقل لرسالة الإسلام إلى كل الأمم وعبر كل اللغات.
فالترجمة كانت وما زالت تقوم بدور كبير جداً في توطيد العلاقات بين جميع شعوب العالم، فهي وسيلة نقل الحضارات، وجميع جوانب المعيشة، فلم تعد مجرد أسلوب لغوي، بل أصبحت مسألة ثقافية وحضارية تستخدم من قِبل جميع دول العالم، وبدونها لا يمكن الانفتاح على حضارات وثقافات الشعوب الأخرى.
أهم نصائح المترجمة والمراجعة في دائرة اللغة العربية في الأمم المتحدة زينة كنج.
تعليقات
إرسال تعليق